العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، تلك الأسطورة الغنائية التي لم يدرك سرها أحد حتى الآن، تلك الشخصية الغنائية الفريدة، التي ظهرت على الساحة الغنائية وسط عمالقة الغناء، فأحدثت انقلابا بمعى الكلمة في ذلك الوسط الراسخ، فأحال قامات كبيرة في عالم الغناء إلى التقاعد، بينما كافح الآخرون من أجل الحفاظ على تواجدهم الفني بغريزة حب البقاء.
غنى عبد الحليم حافظ كافة الألوان الغنائية، فمن الموشحات إلى الصور الغنائية، ومن الرومانسيات إلى الأغاني الشعبية، كما تربع على عرش الأغنية الوطنية بلا منازع محولا تلك الأغاني من الشكل الخطابي والصوت العالي، إلى أغاني تجمع بين الحماس والرومانسية الوطنية الرائعة.
عبد الحليم يغني الأغاني الطويلة في أعقاب وفاة أم كلثوم
ومن الملفت للنظر أن عبد الحليم بدأ حياته الفنية الغنائية بالأغاني القصيرة أو الأقرب إلى الطقطوقة، وهي أقرب لأغاني هذا الزمان القصيرة السريعة، وهو ما جعلها حاضرة على الساحة حتى الآن ويغنيها مطربي هذا الجيل مثل أغنية توبة وأهواك وغيرها.
لكن الوضع اختلف بعد وقاة كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، حيث بدأ في غناء مجموعة من الأغاني الطويلة نوعا ما حيث بلغ طول الأغنية من ثلث إلى نصف ساعة، ومع التكرار والإعادة في الحفلات ممكن أن يصل زمن الأغنية إلى ساعة كاملة وهي مجموعة الأغاني التي كتبها محمد حمزة ولحنها بليغ حمدي مثل أغاني (زي الهوا، أي دمعة حزن لا، وموعود) وكان ختام تلك الأغاني الطويلة القصيدة الرائعة (قارئة الفنجان) للشاعر نزار قباني ومن ألحان محمد الموجي.
وكان تفسير غناء الأغاني الطويلة أن الجمهور اعتاد على أغاني الراحلة أم كلثوم الطويلة، وحاول عبد الحليم أن يعوض المستمع عن هذا الغياب ببعض الأغنيات الطويلة.
العندليب يتنبأ بزوال الأغنية الطويلة وانقراضها
وعلى الرغم من ذلك فقد تنبأ العندليب في أحد الأحاديث الصحفية قبل وفاته بفترة وجيزة بانقراض الأغنية الطويلة، وأن الأجيال التالية ومع التطور وإدراك اهمية الوقت، فإن الأغنية الطويلة لن يكون لها مجال، ولن يقبل عليها أحد، وسوف تظهر في الأيام القادمة أغان لن يزيد زمنها على 5 دقائق حيث يكون رتم الحياة سريعا، وهو ما حدث بالفعل في الأجيال التالية لجيل العندليب أمثال محمد منير وعلى الحجار ومدحت صالح.